بقلم الدكتور سعد الله آغا القلعة
أُطلق مصطلح ” الغناء المتقن ” ، على الغناء العربي المعتمد على قواعد ، منذ ولادته في منتصف القرن الأول الهجري ، على يد طُويس وسائب خاثر وعزة الميلاء ، ورسوخ بنائه في العصرين الأموي والعباسي . وقد بيّن أبو الفرج الأصفهاني في ثنايا كتابه الشهير ” الأغاني ” ، القواعد التي بني عليها ذلك الغناء ، وخاصة في إطار الانفصال بين الإيقاعين الشعري والموسيقي في العمل الغنائي ، مع ضرورة توافق الإيقاع الموسيقي للّحن ، مع إيقاع القصيدة ، على مستوى التفعيلة والبحر والقافية ، من جهة ، أي على المستوى الإجمالي ، و كذلك التقيد بقواعد لفظ الحروف المشكلة للكلمات ، على مستوى المد والخطف ، أي على المستوى التفصيلي ، من جهة أخرى.
مع الوقت ، تغيرت القواعد لجهة تخفيف قيود الشعر واللفظ ، وتغليب مكانة الإيقاع الموسيقي في اللحن المنجز ، ثم بدأ التعبير عن مضمون النص يتسلل إلى خلايا الألحان بالتدريج ، إلى جانب بروز دور أوضح للموسيقا في العمل الغنائي ، ما ترسخ في العصر الذهبي للموسيقا العربية ، الذي امتد لحوالي سبعين عاماً من أعوام القرن العشرين ، قبل أن تفقد الموسيقا العربية في نهاية ذلك القرن ، معالم النهضة التي عاشتها ، وتتحول إلى مزيج هجين ، يسيطر فيه إيقاع صاخب ، طغى على الكلمة واللحن والصوت.
تسعى هذه الدراسة إلى رسم الطريق التي تقود إلى العودة بالموسيقا العربية إلى صيغة ” متقنة ” ومعاصرة ، إنطلاقاً من سماتها الأصيلة ، واستجلاءً لآفاق تطويرها.
نشرت هذه الدراسة في مجلة المعرفة السورية في عدد آب/ أغسطس 2015