أغنية حبيب العمر لفريد الأطرش : مقدمة موسيقية غير مسبوقة وثقتها المكتبة الوطنية الفرنسية

شعار كتاب الأغاني الثانيأتابع التركيز في هذا المقال على مسار التأليف الموسيقي عند الأستاذ فريد الأطرش ، وهو مسار قلما أشير إليه في الأدبيات الموسيقية ، وذلك من خلال ما وثقته المكتبة الوطنية الفرنسية له من أعمال موسيقية ، وكذلك ما تعاملت معه جهات عديدة بالتوثيق ، أو ببناء أعمال فنية جديدة عليه.


أتوقف اليوم إذاً عند المقدمة الموسيقية لأغنية حبيب العمر التي تعود لعام 1946 . كان فريد قد سجل الأغنية لصالح إذاعة الشرق الأدنى ، بعد خلاف بينه وبين الإذاعة المصرية على الأجور ، إذ طالب بأجرٍ يوازي أجر الأستاذ محمد عبد الوهاب ، ورفضت الإذاعة ذلك ، مستندة إلى تقديرها لتاريخ الأستاذ عبد الوهاب ومكانته في ذلك الوقت. قرر فريد ، الذي شعر بالتحدي ، تقديم عمل غير مسبوق ، يظهر فيه إمكاناته ، فكانت أغنية ” حبيب العمر “. جاءت الأغنية متميزة فعلاً بمقدمة موسيقية ذات مواصفات خاصة ، كما سنرى ، أبرزت قدراته في التأليف الموسيقي. لدى نجاح الأغنية وإقبال المستعمين عليها ، قرر فريد أن يدخل عالم الإنتاج السينمائي ، في سعي واضح لتحقيق استقلالية مساره المهني ، و قرر أن يسمي الفيلم الجديد باسم الأغنية الناجحة ” حبيب العمر ” ، و أن يضمنه الأغنية . لدى الإعلان عن ذلك ، قدِم إليه موزعو الأفلام في العالم العربي ، ودفعوا له مبالغ كبيرة مقابل حجز نسخهم من الفيلم ، ما ساعده على إنجاز الإنتاج في عام 1947.

سأركز اليوم على مقدمة أغنية “حبيب العمر ” الموسيقية ، وذلك كما وثقتها المكتبة الوطنية الفرنسية ، على قناتها على موقع يوتيوب ، مستقلة عن الأغنية ، ضمن مجموعة من مؤلفات فريد الأطرش الموسيقية ، بناء على تسجيلها الصوتي الأصلي ، إذ كان فريد ، وزيادة في التركيز على فرادتها ، نسبة إلى المقدمات الموسيقية التي سبقتها في عالم الغناء العربي ، قد أقدم على تسجيلها على أسطوانة ، كعمل موسيقي مستقل.


تميزت هذه المقدمة الموسيقية بتوظيف الأوركسترا الكاملة والكورال ، وبطول المدة : 3:15 دقيقة ، وكان هذا جديداً في المقدمات الموسيقية للأغاني العربية ، كما حققت الترابط بينها وبين جسم الأغنية ، من خلال إيراد لحن أساسي من ألحان القسم المغنى ضمنها ( حبيب قلبي ووجداني ) ، وهو ماكان نفذه عبد الوهاب عام 1943 في المقدمة الموسيقية لأنشودة الفن ( يا للي بدعتوا الفنون ) ، ولكن دون الأوركسترا ، ودون رمزية استخدام الفيولونسيل ( المعبر عن صوت الرجل ) لإبراز ذلك اللحن ، كما تميزت هذه المقدمة ، ولأول مرة ، بختامها الأوركسترالي المستقل عن الأغنية ، و بطول مدتها.

د. سعد الله آغا القلعة

Tagged , , , , . Bookmark the permalink.

Comments are closed.

  • هل تريد أن نعلمك عن جديد الموقع؟

    Loading