الموال أحد أشكال الغناء الشعبي، نشأ بين العراق وسورية على تخوم البادية السورية، وانتقل إلى بغداد و حلب ولبنان ومصر. اختلف الباحثون في أصله، ولكن أغلبهم يعتبره تطوراً طبيعياً للمواليا، التي نشأت في عصر هارون الرشيد على الغالب ووُثِّقَ لها لأول مرة في حادثة شهيرة، جرت في عصر الرشيد إبان نكبة البرامكة، عندما مُنِعَ الشعراء من رثاء البرامكة بالشعر، فرثتهم جارية لهم بالمواليا، تخلصاً من عقاب الرشيد. أتت المواليا بالعامية، وانتظمت عموماً في بيتين وأربع شطرات بقافية موحدة، أما الموال الذي يمكن اعتباره تطوراً لها، وبخاصة لاتباعه وزن البحر البسيط كما المواليا، فقد تعددت أشكاله الشعرية، وتضمن على الغالب أبياتاً بعدد فردي، كالموال الخماسي ( الأعرج) والسباعي ( الزهيري ) و التساعي، مع تتال معين للقوافي. ففي الموال الخماسي مثلاً، تم التمسك بأن تأتي الشطرات الثلاثة الأولى على قافية بكلمات تحقق الجناس التام ( كلمة موحدة بمعان مختلفة ) ، أما الشطرة الرابعة فتختتم بكلمة مختلفة، لتعود في الشطرة الخامسة إلى الكلمة الموحدة، مع مراعاة اختلاف المعنى.
خفف المصريون هذه الشروط، فاكتفوا بالجناس الناقص، الذي يحتم التمسك بالروي ( الجزء الأخير من الكلمة ) فقط.. كما أصبح من الممكن أن يأتي الموال أيضاً بعدد زوجي من الشطرات.
توزعت أغراض الموال بين الغزل والبوح والعتاب والتعبير عن حال المحب والمدح والفخر والحنين، وصولاً إلى النصح وطلب التوبة والوصف والهجاء واستخلاص الحكمة. اعتبر الموال أخضراً في مصر إن تعرض للفرح والمسرة والغزل، وأحمراً إن اتجه إلى الحزن أو النقد السياسي.
موسيقياً، يعتبر الموال من أهم المجالات التي تسمح للمطرب بإبراز قدرات صوته، وامتداد مساحته، وتمكنه من المقامات الموسيقية والتنقل في مسالكها، إضافة إلى طول باعه في مجال الارتجال، حيث كان الموال يرد غالباً، كتمهيد للوصلة الغنائية القادمة، أو كفاصل بين وصلتين. ولكن الموال تحول مع عبد الوهاب إلى عمل غنائي قابل للتلحين. كان محمد عبد الوهاب أول من أرسى قواعد هذا الأسلوب بتأثير من تفاعله مع ظهور الاسطوانة، إذ فصل الموال عن مهمة التمهيد للوصلة الغنائية، مع إلغاء طابع الارتجال، وتحويله إلى عمل غنائي ثابت اللحن، إضافة إلى المحافظة على سلوك المسالك المقامية الصعبة، كما نلاحظ في موال “اللي راح راح ياقلبي ” عام 1928 اللي-راح-راح-ياقلبي-عبد الوهاب فيما تحول في أعمال فريد الأطرش السينمائية إلى عمل متكامل تتداخل معه الموسيقى كما في موال يا بدر أشكي لمين حالي موال يا-بدر-أشكي-لمين-حالي-لفريد-الأطرش ، وغيره.
يعتبر محمد عبد الوهاب، وفتحية أحمد، وفريد الأطرش، ونور الهدى، وصباح، وصباح فخري، ووديع الصافي، ومحمد عبد المطلب، ومحمد الكحلاوي، من أهم مطربي الموال العرب، أما أم كلثوم، فقد اكتفت بتقديمه عدداً محدوداً من المرات، كما ورد في موالها الشهير ” برضاك يا خالقي ” عام 1944 ، من ألحان زكريا أحمد، إضافة إلى أغنية ” الأوله في الغرام ” عام 1944 الأوله-في-الغرام-لأم-كلثوم ، عندما طور زكريا أحمد قالب الطقطوقة، مقترباً به من الموال، أما أسمهان فقد قدمت الموال أيضاً، كما ورد في موال ” جمال محملة ” عام 1938 ، وموالها الشهير ” ياديرتي ” عام 1944 ، الذي ورد في فيلم غرام وانتقام.
لجأ محمد عبد الوهاب لاحقاً إلى تضمين الموال ضمن الأغاني، كما ورد في ” الجندول ” عام 1941 ، عند ( أنا من ضيع في الأوهام عمره ) ، و في” الكرنك ” عام 1942 ، عند ( أنا هيمان ) ، و في “ليالي عاشق الروح ” عام 1949 ، عند ( زي الضحى والليل ) ، وفي “كليوبترة ” عام 1944 ، عند ( ليلنا خمر) ، موظفاً كلمات مثل ” أنا ” أو ” الليل “، لإطلاق ذلك، وهو ماقدمه فريد الأطرش في ألحانه لنفسه ولأسمهان، كما ورد في أغنية ” رجعت لك ياحبيبي ” عام 1941 ، موظفاً لفظة ” أنا “، في ( أنا كنت خايف تنساني ) .
ابتعد المطربون اليوم عن أداء الموال، لما يتطلبه أداؤه من قدرة ومساحة صوتية واسعة، إلا من سار على أسلوب أداء المدرسة الغنائية القديمة، وخاصة مطربو مدينة حلب، وعلى رأسهم الأساتذة أحمد الفقش و صباح فخري موال-من-يوم-فرقاك-لصباح-فخري ومحمد خيري .
مواد منشورة في موسوعة كتاب الأغاني الثاني تعرضت بالتحليل للموال
- أسمهان – جمال محملة
- أسمهان – يا ديرتي – 1944
- الموال: ابتعد المطربون اليوم عن أدائه لما يتطلبه من قدرة ومساحة صوتية واسعة غابت في أصوات اليوم!
- برنامج العرب والموسيقى- الموال في الغناء العربي: أساليب خاصة للأداء وتحريض للمستمع لاستجلاء معانيه الخفية
- حياة وفن أسمهان – الفصل الخامس – 2 : مهمة تاريخية وعودة للزوج..
- حياة وفن أسمهان – الفصل الخامس – 7 : ختام الفيلم يعكس الواقع الأليم .. ورسالة سينمائية وصلت بعد خمسين عاماً !!
- محمد عبد الوهاب – موال اللي راح راح ياقلبي – 1928
- محمد عبد الوهاب – موال في البحر لم فتكم – 1935
- موال خلاً سقاني كاسات الصبر راحات لمحمد خيري : الموال في شكله الارتجالي ، قبل يتحول إلى عملٍ محضَّرٍ مسبقاً!
- موال في البحر لم فتُّكم لمحمد عبد الوهاب : عندما تحول الموال من الارتجال إلى التلحين!
- موال هات يا زمان لفريد الأطرش : عندما حوَّل فريد الموال ليصبح عملاً ملحناً بالكامل واستطاع التعبير عن التناقض بين الضياع والأمل في ثوان وصوَّر واقعَنا اليوم!
- موال يا معشر الناس بصوت محمد خيري : عندما ينقل الموال حِكَمَ الحياة دون أن يتمكن من إقناع قائله بها!
- موال يا معشر الناس لمحمد خيري : عندما ينقل الموال حِكَمَ الحياة دون أن يتمكن من إقناع قائله بها!