ولد يوسف وهبي في الفيوم / مصر لأسرة عريقة. تجمع المراجع على أن ولادة يوسف وهبي كانت عام 1898 ، وأعتقد أنه ولد قبل ذلك ، إذ أنه صرح مراراً ، بأن مشاهدته بصحبة والده لمسرحية عطيل ، التي قدمها الشيخ أحمد أبو خليل القباني في سوهاج ، كانت الشرارة التي أوقدت في وجدانه التعلق بالتمثيل والمسرح. ولما كان أبو خليل قد توفي في دمشق عام 1903 ، وكان عمر يوسف وهبي حينها لا يتجاوز 4 سنوات ، حسب تاريخ ولادته المعلن ، فإن هذا يدل على أن ولادة يوسف وهبي كانت قبل التاريخ المعلن لولادته.
انتقلت أسرة يوسف وهبي إلى القاهرة ، و هناك تعرف الى جاره محمد كريم ، فتوافقت اهتماماتهما الفنية ، ما سيكون له أثر لاحق في دخوله عالم السينما ، بعد أن تخصص محمد كريم في الإخراج السينمائي في فرنسا. بعد عدد من المشاركات المسرحية ، اختار عزيز عيد يوسف وهبي لبطولة إحدى مسرحياته ، وأُعلن عن ذلك ، ما كان له وقع سيء على والده ، و أدى إلى قطيعة بينهما.
سافر إلى إيطاليا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وتتلمذ على يدي الممثل الإيطالي الشهير “كيانتوني “. بعد انتهاء دراسته ، حاول العمل في السينما الإيطالية ، ثم الفرنسية ، فلم ينجح . التقى في باريس أمير الشعراء أحمد شوقي ، الذي نصحه بالعودة إلى مصر ، والمشاركة في النهضة الفنية فيها فعاد إلى مصر عام 1921 ، وكان والده قد توفي .
عمل على النهوض بالتمثيل في مصر ، فأنشأ مسرح رمسيس، و قدم من خلاله أكثر من ثلاثمائة مسرحية ، جات في غالبيتها من ترجماته لروائع المسرحيات الأوربية ، كما كان منها أكثر من 10 مسرحيات من تأليفه . اهتم بعناصر المسرح من الديكورات والملابس والإضاءة والماكياج ، كما لجأ إلى صديقه محمد كريم ، الذي أصبح مخرجاً سينمائياً ، لتصوير بعض المشاهد السينمائية الخارجية ، وإدراجها ضمن مسرحياته. أدى هذا التداخل بين السينما والمسرح ، إلى قيام محمد كريم بتحويل مسرحية يوسف وهبي الناجحة ” أولاد ذوات ” ، لتكون أول فيلم عربي ناطق ، إذ عرض في سينما رويال في مارس / آذار 1932 ، قبل الفيلم الغنائي ” نشيد الفؤاد ” بشهر . مثل في الفيلم أفراد فرقة يوسف وهبي المسرحية ، وصورت أغلب مشاهده في باريس.
أدى هذا التحول ، إلى إطلاق اهتمام يوسف وهبي بالسينما ، فقدم عدداً كبيراً من الأفلام الناجحة، من تمثيله وإخراجه ، وأحياناً من تأليفه ، دون أن يتخلى عن نشاطه المسرحي . لم تكن بداياته مع الأفلام الغنائية ، إذ أنه قدم أولاً أفلام ” الدفاع ” عام 1935 ، و ” المجد الخالد ” عام 1937 ، و ” ساعة التنفيذ ” عام 1938 ، من بطولته وإخراجه ، خارج عالم الغناء ، ولكن تقديم عبد الوهاب لليلى مراد في فيلم يحيى الحب عام 1938 ، نبهه إليها ، إذ كان قدمها عام 1930 لأول مرة على مسرحه في حفلة عامة ، وكان عمرها 12 سنة ، وسرعان ماشكل معها والمخرج توجو مزراحي ثلاثياً ، ابتداءً من فيلم ” ليلة ممطرة ” عام 1939 ، ثم ” ليلى بنت الريف ” عام 1941 ، و ” ليلى بنت مدارس ” عام 1941 .
عندما انتقلت ليلى مراد للتعاون مع أنور وجدي ، بحث يوسف وهبي عن صوت جديد لأفلامه فوجد ضالته في حلب. كان يوسف وهبي يقوم مع فرقته المسرحية بجولات على الدول العربية ، وكان تلاقي نجاحاً كبيراً . في جولة له في سورية ، عام 1942 ، دعاه صديقه الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة لحضور إحدى حفلات ألكسندرا بدران ( نور الهدى ) ، فأعجب بفنها ، وطلب الاجتماع بها ، فوعده الدكتور رجائي ، بتأمين لقاء معها . في اللقاء عرض عليها عقداً لمدة 5 سنوات ، مقابل 150 جنيهاً لكل فيلم ، فقبلت ، ولكنها مثلت معه فيلمين فقط : ” جوهرة ” عام 1943 ، و ” برلنتي ” عام 1944 .
انتقل عام 1944 للعمل مع أسمهان ، في فيلم ” غرام وانتقام ” ، الذي كتبه و قام بإخراجه وبطولته ، وعندما رحلت أسمهان في الحادث الشهير ، قام بإبدال نهاية الفيلم لتتوافق مع الواقع . نال درجة البكوية على فيلم “غرام وانتقام ” ، الذي حضر الملك فاروق عرضه الأول ، بسبب تقديمه لنشيد أسرة محمد علي ” أنا بنت النيل ” ، الذي غنته أسمهان في الفيلم ، قبيل وفاتها.
بعد رحيل أسمهان ، قدم يوسف وهبي في عام 1944 الصوت الجديد محمد فوزي لأول مرة . كان ذلك في فيلم يوسف وهبي الجديد ” سيف الجلاد ” ، الذي كان يقوم هو بإخراجه و بطولته الى جانب عقيلة راتب ، وكان يبحث عن صوت جديد يقوم بدور ثانوي في هذا الفيلم. لم يكتف محمد فوزي بالتمثيل والغناء في الفيلم ، بل لحن لنفسه أغنيتين أيضاً ، مالفت إليه الأنظار ، وفتح له عالم الشهرة.
رغم أن يوسف وهبي نال البكوية من الملك فاروق ، فقد كان هو الذي قام بالإعلان عن قيام الجمهورية في مصر . جاء ذلك حفل أضواء المدينة الذي أقيم في عيد الثورة عام 1953 ، بإدارة جلال معوض. خلال الحفل ، قرأ يوسف وهبي إعلان ولادة الجمهورية ، ثم أعلن عن تقديم عبد الحليم حافظ ، لأول مرة أمام الجمهور ، فكان أن ولد عبد الحليم فنياً ، مع ولادة الجمهورية في مصر ، بإعلان من يوسف وهبي.
وهكذا حفظ تاريخ الغناء العربي ليوسف وهبي ، أنه قدم ليلى مراد لأول مرة للجمهور في مسرحه ، و قدم محمد فوزي لأول مرة في السينما ، وأعلن عن عبد الحليم حافظ .. لأول مرة!
شارك يوسف وهبي في العديد من الأفلام الغنائية ، ومنها مثلاً مشاركته في مشهد صُوِّر خلال يوم واحد ، في سياق فيلم ” غزل البنات ” ، مع محمد عبد الوهاب وليلى مراد ، عام 1949 ، ودفع له فيه أنور وجدي ، منتج الفيلم و مخرجه ألف جنيه ، فقط ليقال بأنه أخرج فيلماً مثل فيه يوسف وهبي بك ، حيث ظهر يوسف وهبي في الفيلم بشخصيته الواقعية في الحياة . نتوقف أيضاً عند مشاركة يوسف وهبي مع فريد الأطرش ، في فيلم ” الحب الكبير ” عام 1969 ، مع فاتن حمامة ، وفيلم ” زمان يا حب ” ، عام 1973 ، مع زبيدة ثروت ، الذي كان آخر أفلام فريد.
توفي يوسف وهبي عام 1983.