مطربة سورية، عاشت في سورية و مصر، واستطاعت في خمس سنوات من الغناء أن تتربع على قمة الغناء العربي التجديدي المطعَّم بكثافة التعبير.
ولدت أسمهان في عام 1918 ، لأسرة سورية عريقة في جبل العرب. انتقلت مع والدتها وشقيقيها إلى القاهرة في عام 1923 . وسجلت بعض الأسطوانات وهي بعد صبية صغيرة. في عام 1932.
تزوجت من ابن عمها الأمير حسن الأطرش الذي تعلقت به، وعادت إلى سورية لتقيم معه ست سنوات كاملة، أنجبت خلالها طفلة أسمتها كاميليا. ولما ظهر أثناء الولادة التي كانت في القاهرة تعذر إنجابها لمرة أخرى، قررت البقاء هناك، لعلمها مدى تمسك زوجها بها من ناحية، ومدى أهمية حصوله على ابن ذكر، وهو محافظ السويداء في الدولة السورية الموحدة و الأمير في قومه، حسب العادات السائدة لدى العائلة، التي لا تسمح أيضاً بجمع الزوجات في آن واحد، متذرعة برغبتها في أن تعيش مع أمها، وأن تحترف الغناء. وسم هذا حياتها بحزن دفين لم يفارقها، وتجسد في تعبيرية واضحة في أداء المعاني الرومنسية التي حملتها أغانيها.
في القاهرة، غنت أولاً من ألحان شقيقها فريد الأطرش، كما اهتم كبار الملحنين بها، فأعطوها ألحاناً، كلٌ ضمن مشروعه الخاص. كان منهم مدحت عاصم أولاً، ثم زكريا أحمد ومحمد القصبجي ورياض السنباطي، كما أشركها محمد عبد الوهاب في فيلمه ” يوم سعيد ” 1939 ، في بطولة أوبريت قيس وليلى فحققت إلى جانبه نجاحاً مذهلاً. ولكن أهم وأنجح أعمالها كان مونولوج ” يا طيور ” ، من ألحان محمد القصبجي، الذي اكتشف أن صوتها كان سبيكة نادرة من صوت الأنثى والكمان والأوبوا والحمامة، يغلفه شجن الأنثى المحرومة من الحنان، فأراد أن يحول هذا الصوت البشري المعجز إلى آلة موسيقية طيِّعة، مستفيداً من قدرة صوتها على الانتقال من صوت الحنجرة إلى صوت الرأس في يسر عجيب.
أثَّر النجاح الهائل لهذا المونولوج الوحيد في أسلوب أدائه في الغناء العربي، في تخلي أم كلثوم عن اتجاهات التجديد التي كانت بدأتها مع القصبجي، والتوجه إلى التطريب والشعبية، مع زكريا أحمد، مما كرس أسمهان على قمة التجديد في الغناء العربي.
وجاءت السينما لتحقق لها الشهرة الأوسع، مع فيلم انتصار الشباب، الذي قامت ببطولته إلى جانب شقيقها فريد.
كانت أوبريت انتصار الشباب التي قدمتها مع شقيقها فريد قمة ذلك الفيلم السينمائي الأول لها ولفريد. أقدمها هنا كاملة ومتصلة بعد أن عرضت في الفيلم على مقاطع لضرورات الحفاظ على إيقاع الفيلم.
ولكن نجاحها المتكرر، إلى جانب أسلوب حياتها اللاهي، الذي سعت عبره للتعويض عن فراقها لأسرتها، وكذلك علاقاتها مع كبار الساسة في مصر، تسبب في سعي جهات عديدة لإبعادها عن القاهرة، مستفيدة من كونها سورية الجنسية، و زوال الصفة الدبلوماسية عنها ، بعد أن اضطر زوجها ، الأمير في منطقته ، والوزير السوري ، لطلاقها بسبب ظهورها علناً في السينما ، في فيلم انتصار الشباب، مما تسبب لها في مضايقات دائمة.
في منتصف عام 1941 ، وأثناء فعاليات الحرب العالمية الثانية، كلف الحلفاء أسمهان، أن تقنع أهل منطقتها في سورية الواقعة على تخوم الأردن الشمالية، بأن يسمحوا لهم بعبور الحدود من تلك المنطقة لمفاجأة الفرنسيين الفيشيين في دمشق وطردهم منها، مقابل وعد باستقلال سورية. سافرت وقامت بالمهمة الموكلة إليها، وعادت إلى زوجها، مبتدئة فترة امتدت لسنتين عاشتها، زوجةً لوزير الدفاع الوطني، و أميرةً متوجة. ثم مرت فترة صعبة، عندما ثبت أن وعود الاستقلال كانت وعوداً في الهواء، خاصة بعد أن خرجت بريطانيا من سورية وسلمت فرنسا الحرة الحكم، وأن طالبت فرنسا بامتيازات ثقافية واقتصادية وعسكرية، مقابل الاستقلال، فخرج زوجها من الوزارة، و بدا أن هناك من أهلها من يتهمها بسبب ذلك بالخيانة؛ وتفاقم الوضع عندما ثبت لديها أنه لم يعد هناك رجاء في استمرار زواجها، بعد أن أثبت علاجها لدى أطباء القدس أن لا معالجة لحالتها، وهكذا وقعت عقداً مع شركة استوديو مصر، لتقوم ببطولة فيلم “غرام وانتقام ” في القاهرة،وتزوجت من أجل الدخول إلى مصر من الفنان المصري أحمد سالم ، وحصلت مقابل ذلك على أعلى أجر سبق أن دفعته السينما المصرية.
غنت أسمهان في الفيلم ألحاناً ناجحة لشقيقها فريد وكذلك للقصبجي والسنباطي، كما قدمت موالاً ينفي عنها الخيانة وجهته إلى أسرتها عبر ذلك الفيلم ،أثناء تمثيله. لم تصل الرسالة إلى أهلها إلا بعدما شرحت ذلك في برنامجي التلفزيونية عنها ، بعد خمسين عاماً على وفاتها!
وفي 14 تموز/يوليو عام 1944 ، غرقت أسمهان في نهر النيل في حادث سيارة، واتهمت جهات عديدة بتدبير الحادث الذي بقي سره مجهولاً.
خصصت لها برنامجاً تلفزيونياً خاصاً، أتى في خمس حلقات تلفزيونية وفي 6 ساعات.