ولد أنور وجدي ( أنور محمد الفتال ) في القاهرة في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1904 ، لأسرة سورية قدمت إلى مصر من مدينة حلب . عاش قصة كفاح مريرة قبل أن يحقق النجاح والثروة ، وكان لهذا أثر كبير على حياته وطموحه وتوجهاته ، كما أسهم مرضه الوراثي الذي ظهر لاحقاً ، وكان يعلم بوجوده ، في توجيهه نحو تجسيد أدوار ذات أبعاد إنسانية.
أحب أنور وجدي التمثيل منذ صغره ، ووضعه هدفه في الحياة . سعى للالتحاق بفرقة رمسيس، وسهل له ذلك قاسم وجدي الريجسير في الفرقة ، عندما سعى لإقتاع يوسف وهبي بموهبته ، ما تسبب في أن أسمى أنور نفسه أنور وجدي ، تيمناً وتقديراً لقاسم وجدي ، الريجيسير الذي أعطاه نقطة البداية في حياته الفنية. قام أولاً ببعض الأدوار الثانوية في مسرحيات يوسف وهبي ، كان منها دوره الناطق الأول في مسرحية ” راسبوتين ” ، الذي أقنع يوسف وهبي بموهبته ، فاختاره لأداء أول دور هام له في مسرحية ” الدفاع ” عام 1931 ، ثم أشركه في فيلم ” أولاد ذوات ” عام 1932 ، ليسند إليه دور الفتى الأول في فيلم “الدفاع ” عام 1935 ، ولكن نجاحه الحقيقي كان في أدائه لدور الشاب الفاسد في فيلم “العزيمة ” عام 1939 ، من إخراج كمال سليم.
نبه نجاحه في فيلم ” العزيمة ” المخرجين والمنتجين إلى مواهبه ، و إلى وسامته اللازمة لأداء دور الفتى الأول ، الثري و المستهتر ، فشارك بهذه الصفة في حوالي 20 فيلماً ، كان منها دوره في فيلم ” انتصار الشباب ” مع فريد الأطرش وأسمهان عام 1941 ، ثم مع أسمهان في فيلم ” غرام وانتقام ” عام 1944 ، حيث مثل في الفيلمين دور الزوج.
ركز نور وجدي لاحقاً على المشاركة في الأفلام الغنائية ، و كان الممثل الوحيد الذي مثل أمام أم كلثوم ، في فيلم ” فاطمة ” ، و أمام كل من أسمهان وليلى مراد ونور الهدى وصباح وشادية..
في نهاية الأربعينات ، تحول إلى أدوار تجسد الفقر و الالتزام الإنساني والشهامة ، التي توصل إلى قلب الحبيبة ، ذات الأصول الأرستوقراطية ، لتأتي بداية الخمسينات ، فيغرق أكثر في البعد عن أدواره الأولى ، ويؤدي أدواراً درامية خالصة ، في أفلام كان من أبرزها دوره في فيلم ” أمير الانتقام ” عام 1950 ، المأخوذ عن رواية الكونت دي مونت كريستو، ثم فيلمي ” النمر ” و ” ريا وسكينة ” عام 1953 ، وفيلم ” الوحش ” عام 1954 ، ماجعل عدد أفلامه يصل إلى حوالي 78 فيلماً ، في مسيرته الفنية القصيرة، التي امتدت لأقل من 20 عاماً!
ولكن أنور وجدي لم يكن ممثلاً فقط ، إذ سرعان مادخل عالم الإنتاج ، الذي قاده بالصدفة إلى عالم الإخراج السنمائي.
في عام 1945 ، قرر أنور وجدي الدخول في عالم الإنتاج السينمائي ، لاستثمار حصيلة جهوده ونجاحاته ، فأسس شركة الأفلام المتحدة للإنتاج والتوزيع السنيمائي ، و اعتمد إنتاج أول أفلامه : ” ليلى بنت الفقراء ” عام 1945 مع ليلى مراد ، وكلف المخرج كمال سليم بإخراجه . ولكن وفاة المخرج المفاجئة ، وضعته أمام خيار أن يتحول هو إلى الإخراج ، فقرر خوض هذه التجربة ، وضمن الفيلم مشهداً لزواجه من ليلى مراد ، كما يظهر في الصورة ، التي كأنها كانت ترسم له مستقبله العاطفي أيضاً ( الصورة ) ، إذ تزوج أنور وجدي من ليلى مراد فعلاً بعد تصوير مشهد الزواج.
بعد النجاح الهائل للفيلم ، قدم مع ليلى مراد ستة أفلام حققت جميعها نجاحاً كبيراً ، قام فيها بكتابة السيناريو والحوار وبأداء دور البطولة و بالإخراج والإنتاج ، وهي أفلام : ” ليلى بنت الأغنياء ” عام 1946، و ” قلبي دليلي ” عام 1947، و ” عنبر ” عام 1948 و “غزل البنات ” عام 1949 ، أمام الفنان الكوميدي الراحل نجيب الريحاني، والذي غنى فيه محمد عبد الوهاب أغنيته الشهيرة ” ليالي عاشق الروح ” ، ودفع فيه أنور وجدي كمنتج ألف جنيه ليوسف وهبي ، ليؤدي في الفيلم دوراً ليوم واحد من التصوير ، فقط لكي يقال بأنه ، أي أنور ، أخرج فيلماً ظهر فيه عميد المسرح العربي يوسف وهبي ، ما يكشف عن طموجه اللامتناهي ، ثم فيلمي حبيب الروح عام 1951، وبنت الأكابر عام 1953.
ولكنه لم يكتف بهذه الأفلام مع ليلى مراد ، بل إنه أنتج وأخرج وأنتج ومثل دور البطولة في مجموعة أخرى من الأفلام ، منها ” طلاق سعاد هانم ” عام 1948 مع عقيلة راتب ، و ” قطر الندى ” عام 1951 مع شادية ، و ” أربع بنات وضابط ” عام 1954 مع نعيمة عاكف، كما أنتج وألّف أفلاماً لمجموعة اخرى من الفنانين .
ركز أنور وجدي على الأفلام الغنائية ذات الطابع الاستعراضي ، مستفيداً من صوت ليلى مراد زوجته ، وذلك مثلاً في أفلام ” قلبي دليلي ” عام 1947 ، و ” عنبر ” عام 1948 ، و ” غزل البنات ” عام 1949 ، و أنفق كثيراً لكي تكون تلك الأستعراضات مقنعة.
تجدر الإشارة إلى أنه اكتشف في عام 1951 الطفلة فيروز ، وأنتج لها 3 أفلام وهي أفلام ” ياسمين ” عام 1950 ، و ” فيروز هانم ” عام 1951، و ” دهب ” عام 1953.
استمر زواجه من ليلى مراد سبع سنوات ، حيث انفصلا في عام 1952 ، فتزوج من الفنانة ليلى فوزي ، والتي عاشت معه حتى وفاته عام 1955.
بدأ أنور وجدي يشعر في نهاية الأربعينات بأعراض المرض الوراثي ، الذي كان يعرف بوجوده ، بسبب وفيات عديدة في عائلته ، وهو مرض يصيب الكلى ، وسعى لعلاجه بالسفر إلى السويد ، بعد أن فشل في إيجاد علاج ناجع في مصر ، و لكنه لم يفلح ، فتوفي في استكهولم ، بعد جراحة عاجلة ، عن واحد وخمسين عاماً ، حقق فيها الكثير من المجد والشهرة.