منذ سنوات طويلة طرح البعض أن لحن زوروني كل سنة مرة ليس للشيخ سيد درويش بل للملا عثمان الموصلي في لحنه لقصيدة زُر قبر الحبيب مرة .. ولم أتوقف عند الموضوع .. خاصة أنه لم يأخذ أبعاداً واضحة .. ربما لأن وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن منتشرة كما هي اليوم .. ولكن الموضوع طُرح مجدداً ، بعد أن فجر تنظيم داعش تمثال الموصلي في الموصل ، فأعيد الحديث عنه ..ثم بدأ يتفاعل . مجدداً ، لم أر من الضروري إعطاء رأي فأنا ليس من عادتي الدخول في أي جدل .. إلى أن بدأت تصلني رسائل يريد أصحابها معرفة رأيي في الموضوع ، خاصة بعد أن شاع ، ووصل عدد الروابط على الإنترنت التي تتعامل معه إلى آلاف الروابط ، حاملة تطرف الآراء ، كما هو شائع اليوم للأسف ، بين محبي سيد درويش من جهة ومحبي الموصلي من جهة أخرى ، والتي وصلت أحياناً إلى حد التجريح ، بعلمين كبيرين ليس لهما أي علاقة بما يجري ، فصارا ضحيتين لمحبيهما ، بعد محبة جمعتهما لسنوات في حلب والقاهرة..
حرضني هذا الواقع الجديد على السعي لإيقاف هذا التجريح ، و البدء في البحث في الموضوع من زاوية علمية موضوعية محايدة.. انطلاقاً من إيماني بأن الوثائق الصوتية تحمل معها حقائقها وتاريخها ، وتكشفها للباحث المدقق في أدق تفاصيلها .. وأننا بالبحث المقارن ، أي من مقارنة الوثائق .. يمكن أن نكتشف ما جرى! وإليكم ما جرى..
العلاقة بين الرجلين
تطلب البدء في رحلة البحث أن أنظر في العلاقة بين الرجلين .. فمن المعروف أن الملا عثمان الموصلي أقام في حلب لفترة طويلة ، وهناك التقى سيد درويش ، الذي أقام أيضاً فيها لسنتين على الأقل ، حيث درس سيد درويش عليه وعلى آخرين من كبار أساتذة الفن والموسيقى في حلب .. و لا يستبعد أن يكون الشيخ سيد استمع إلى اللحن فيها فأعجبه وقدمه في القاهرة لاحقاً على أنه له ..
بالمقابل ، من المعروف أيضاً أن الملا عثمان سافر لاحقاً إلى القاهرة ، والتقى سيد درويش مجدداً.. ولا يستبعد بالتالي أنه سمع اللحن من سيد درويش ، الذي كان وضع لحنه هذا وهو في الاسكندرية حوالي العام 1915 ، وكان هذا اللحن سبباً في ذيوع شهرته ودعوته للقاهرة من قبل جورج أبيض ، فأعجب به عثمان الموصلي ، وغناه في العراق لاحقاً فنُسب إليه .. خاصة أنه من الشائع حتى اليوم ، أخذ ألحان دنيوية لإلباسها بنصوص صوفية.. .. من المفيد أن أذكر أن سيد درويش في بداياته ، وبعد عودته من حلب ، ولكي يقبله المجتمع الغنائي ، كان يغني موشحات ويقول عنها إنها من حلب لكي تقبل ، ثم بدأ ، وبعد أن شاعت شهرته ، يقول إنها من ألحانه ، وهذا قد يخلط الأمور.. وإن كان الحديث عن موشحات وليس عن ألحان ذات إيقاع بسيط كما أغنية زوروني كل سنة مرة .. ومع ذلك فالاحتمال بأن يكون كل منهما أخذ اللحن عن الآخر قائم وبدرجة متساوية لكل منهما حتى الآن .. ..
المعلومات المثبتة في نظام معلومات الموسيقى العربية عن قصة ولادة أغنية زوروني كل سنة مرة كما قدمها سيد درويش:
ثم كانت رحلة أخرى هدفها البحث عن الأسباب التي أدت إلى ولادة الأغنية ، وتبين لي أن لهذا روايات متعددة .. منها ما قيل من أن أول من غناها كان حامد مرسي في الإسكندرية قبل 1917، و أنها أغنية مأسوية لشاب يحتضر ويدعو فيها أحباءه إلى زيارة قبره مرة في السنة ، وأن حامد كان يغنيها في بعض المسارح فيطلب الجمهور سماعها تكراراً فيتأخر عرض المسرحيات ، فيما تعارض هذه الرواية ماورد في مراجع أخرى بأن الشيخ سيد أسمع حامد مرسي هذا اللحن في القاهرة ليغنيه بين المسرحيات .. رواية أخرى تقول بأن خلافا عائليا دب بين يونس القاضي كاتب النص وشقيقته حول ميراث وأموال ، ووصل الشقاق والخلاف بينهما إلى المحاكم ، وفي تلك الاثناء ، وقع يونس القاضي فريسة لمرض هدد حياته ، وسمعت شقيقته بذلك ، فهرولت اليه قلقة فزعة ، وزارته بعد قطيعة طويلة ، وأثمرت الزيارة أغنية زوروني كل سنه مرة حرام تنسوني بالمرة ، حيث أشار في الاغنية للمحاكم في قوله : أناعملت ايه فيكم .. تشاكوني واشاكيكم..؟ الرواية الثالثة جاءت على لسان الشيخ يونس القاضي في مذكراته ، إذ وصف كيف عاصر واقعة تأليف ذلك اللحن ، عندما كان سيد درويش يزور جليلة الإسكندرانية التي كان يحبها ، وهي من عوالم الإسكندرية ، وكان يود إنهاء علاقته معها ، لأن تأثيرها أصبح يؤثر على عمله ، فقالت له (إبقى زورونا كل سنه مره يا شيخ سيد حرام تنسونا بالمره) وكان بصحبته الشيخ يونس فشرع معه فى تأليف كلمات اللحن وأتمه سيد درويش فى تلك الجلسة ! روايات متعددة قد يكون أقربها للواقع ما رواه كاتب النص إذ أن سيد درويش عُرف بتأثير حياته الشخصية على كلمات أغانيه ..
ماذا قال منصور رحباني عن أغنية زوروني كل سنة مرة إذ غنتها السيدة فيروز؟
أرى أنه علي أن أشير إلى رواية رابعة لها علاقة بالموضوع، قد تعقد الأمور أكثر ، إذ يقول منصور رحباني: أذكر أننا، حين أطلقنا (زوروني كل سنة مره) للشيخ سيد درويش، فوجئ أولاده (وخاصة ابنه محمد البحر) أن هذه الاغنية هي له، ولم يعرفوا ذلك إلا منا. فهي، وأخوات لها لسيد درويش ((طلعت يا محلى نورها)…) كانت رائجة في منطقتنا أكثر مما في مصر، ونحن ربينا عليها في طفولتنا، وكانت تقال ببطء تطريبي، عكس ما عدنا، عاصي وأنا، فوزعناها لاحقاً في ايقاع أسرع.
بمتابعة الموضوع ، تم التأكد من أن كامل الخلعي ، الذي كان كثيراً ما ذكر ، في كتابه الموسيقى الشرقي ، أنه أخذ الكثير من الألحان ، على الملا عثمان الموصلي ، فإننا نرى أنه وثق أغنية زوروني كل سنة مرة ، في كتابه ” الأغاني العصرية ” المطبوع سنة 1921 ، و في الصفحة 223 منه ، على أنها لسيد درويش ، ولو كان اللحن لعثمان الموصلي ، وكان بين الألحان التي أخذها عنه ، لكان وثّقه له!
أتى الوقت الآن لنتعرف على أقدم تسجيل لأغنية زوروني كل سنة مرة بصوت زكي مراد : زوروني كل سنة مرة بصوت زكي مراد
المعلومات المثبتة عن أسباب ولادة قصيدة زر قبر الحبيب مرة للملا عثمان الموصلي:
في السياق نفسه ، كان علي أن أنظر في أسباب ولادة قصيدة أو موشح ” زر قبر الحبيب مرة ” . تقول الرواية المتداولة أن عثمان الموصلي رأى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في المنام يعاتبه لعدم زيارته، فأفاق من نومه حزينًا، ثم وضع لحن موشح «زر قبر الحبيب مرة» على مقام العجم ، و أضافه لأشغال المولد النبوي ، ولا يزال يغنى بهذا الشكل في بغداد بدون الآلات الموسيقية.
لنتعرف الآن على تسجيل زُر قبر الحبيب مرة بصوت الملا عبد الفتاح معروف : — موشح-زُر-قبر-الحبيب-الملا-عبد-الفتاح-معروف–
إعادة توظيف الألحان ومحاكمة منطقية..
من المعروف أن إعادة توظيف الألحان ، تكون انطلاقاً من لحن شعبي شائع بالعامية ، ويوظفه المتصوفة بنص بالفصحى ، والأمثلة على هذا لا تنتهي… الآن إن افترضنا العكس ، وأن اللحن كان للموصلي ، إذاً لكان يونس القاضي علم بذلك ، إذ لكان سيد درويش طلب منه أن يضع نصه على قد اللحن ، ولكان القاضي أفصح عن ذلك لاحقاً .. ولو بعد وفاة سيد….ما يجعل هذا المؤشر يميل لصالح الشيخ سيد خاصة أن الشيخ سيد كتب كلمات بعض ألحانه ومنها مثلاً دور ضيعت مستقبل حياتي ودور أنا هويت .. فما حاجته ليونس القاضي ليكتب له نصاً على لحن أخذه من الملا عثمان الموصلي وسيسعى لاحقاً لادعائه لنفسه؟؟
طبعاً ماقلتُه حول بناء نص قصيدة قبر النبي على لحن زوروني لا يحمل اتهاماً لأحد لأن قاعدة بناء نص صوفي على لحن دنيوي تقليد معمول به منذ الشيخ محي الدين بن عربي وتقوم عليه أغلب أناشيد الإنشاد الديني حتى اليوم.
القالب
القالب الذي بني اللحن المشترك عليه هو قالب الطقطوقة الأولي ، حيث كان اللحن يتكرر عدة مرات ، مع تغيير النص ، وهو القالب المتداول للغناء الشعبي ، وأغلب الأغاني الشعبية والبسيطة القديمة بنيت على هذا القالب ، قبل أن يتم تطويره لاحقاً . من النادر أن يستخدم هذا القالب لنصوص الفصحى ، إلا إن كانت عملية نظم بالفصحى قد تمت على قد لحن شعبي ، وهذا أسلوب متداول كثيراً في الانتقال من الغناء الدنيوي إلى الصوفي حتى اليوم ، كما أنه يمكن إحصاء أكثر من 60 أغنية لسيد درويش على هذا القالب. أستطيع اعتبار هذا المؤشر يميل لصالح كون اللحن لسيد درويش دون أن يكون حاسماً.
المقام الموسيقي
المقام هومقام العجم ( مع تخفيض الدرجة السابعة فيه بمقدار ربع صوت في تسجيلي فتحية أحمد و عبد الفتاح معروف وكذلك تسجيل زكي مراد ، فيما التسجيلات الأحدث ، كما عند حامد مرسي ، ثم السيدة فيروز ، والأستاذ صباح فخري ، فقد أتت بدون ذلك التخفيض) وهو مقام كان معروفاً في مصر قبل فترة سيد درويش إذ كان دخلها على يد الشيخ أحمد أبو خليل القباني الدمشقي في نهايات القرن التاسع عشر ، كما كان معروفاً في حلب منذ فترة طويلة ، وبالتالي لا يعطينا القالب أي عنصر حاسم في هذا الإطار.
العلاقة بين اللحن والنص:
النص عند سيد درويش متوافق في إيقاعيته تماماً مع إيقاع النص ، بينما نجده عند الموصلي غير متوافق ، إذ يقول النص عند سيد درويش : زوروني كل سنة مرة حرام تنسونا بالمرة حرام تنسونا بالمرة /— المدخل-عند-سيد-درويش– / ولا يوجد أي مد غير صحيح لأي حرف ساكن ، فيما نلاحظ وجود مد في غير محله لحرف ساكن ، ومن البداية ، عند عثمان الموصلي ، إذ يأتي اللحن كما يلي: زور قابر الحبيب مرة وهناك خطأ واضح في لحن كلمة زور لأن أصلها باللغة العربية زُر ، ولا مد على الزاي ، إضافة إلى خطأ آخر في كلمة قبر إذ أنها تغنى في التسجيل قابر / — المدخل-في-لحن-عثمان-الموصلي– / لكي تتلاءم مع اللحن الذي فيه مد عند حرفي ” ني ” ، في كلمة زوروني ، حيث المد هنا صحيح على ياء ، أما المد عند قبر ، فهو على ساكن ، ولذا كان لابد من تحول اللفظ من قبر إلى قابر أثناء الغناء مثلما المد على زُر تسبب في تحول زُر إلى زور .. وهي هنا أقرب للعامية . كان هذا أول مؤشر إلى أن النص عند الموصلي وضع بشكل لاحق للحن ، أي أن اللحن كان موجوداً ، وتم إضافة النص وليس العكس ، خاصة أن النص بالفصحى حيث المفروض التمسك بأصول اللفظ على عكس الغناء الشعبي بالعامية … بالمقابل النص واللحن في زوروني كل سنة مرة متوافقان إيقاعياً تماماً. المؤشرات بدأت تقترب من سيد درويش.
لاحظت أيضاً أن النص عند الموصلي فيه كلمة مقحمة ولا علاقة لها بسياق النص ، وهي كلمة غرام.. إذ يقول النص : زور قابر الحبيب مرة غرام يا قلبي زر مرة غرام كي تحظى بنظرة / –المدخل-عند-عثمان-الموصلي–/ وكلمة غرام لا مبرر لوجودها في سياق النص ، لأن تسلسل معاني النص مع حذف الإضافات هو: زُر قبر الحبيب مرة كي تحظى بنظرة ، والواضح أن وجود هذه الكلمة ، كان لإكمال النص ، لكي يتوافق مع اللحن ، ما يدلُ على أنه لحنٌ وُضع هذا النص على قدِّه ، ولم يكن نصاً وضع اللحن له ، كما تقول الرواية التي تعيد النص واللحن لعثمان الموصلي ، ما يؤكد أن اللحن للشيخ سيد.
يشير هذا إلى أن السبب في إقحامها يعود إلى ورودها في النص الأصلي للأغنية ، فيما في نص سيد درويش أتت كلمة حرام بشكل مبرر في السياق: زوروني كل سنة مرة حرام تنسونا بالمرة حيث يلحق بها تنسونا بالمرة ، فهي جزء من جملة متكاملة .. –المدخل-عند-سيد-درويش– و تم الحفاظ عليها في النص الجديد ، مع تحويرها إلى كلمة غرام ، دون أن يكون لها سياق صحيح .
توقفت عند لحن كلمة حرام .. يتخافض اللحن عندها معبراً عن التحسر ، وهذا قريب من مدرسة سيد درويش اللحنية .. وبالمقارنة أجد أنه نفس التخافض اللحني في أغنية “سيبوني يا ناس “ لسيد درويش عند جملة “أروح مطرح ما روح ” بما فيها من معاني الحسرة والضياع .. –أغنية-سيبوني-يا-ناس-صباح-فخري– وهذا مؤشر لحني يضاف إلى كل ما سبق لكي اقول : إن التحليل الموسيقي والشعري يؤكدان لي ، أنه لا يوجد أمامي ما ينفي مرجعية اللحن لسيد درويش ، فيما العديد من المؤشرات تؤكد ذلك ، مقابل مؤشرات أخرى ، تجعل احتمال مرجعية اللحن لعثمان الموصلي محدوداً تماماً .. والله أعلم ..
وفي نهاية هذه الرحلة ، نستحق أن نستمع إلى الأغنية بصوت حامد مرسي ، الذي كان حفظ اللحن عن سيد درويش مباشرة ، في عام 1917 ، والتسجيل حديث نسبياً ، ولكننا نلاحظ أسلوب حامد مرسي التعبيري في الغناء ، بما يتوافق مع المعاني الحزينة للأغنية .. — زوروني-بصوت-حامد-مرسي–
ولنتابعها أيضاً بصوت الأستاذ صباح فخري
بعض الملاحظات التي وردت وإجاباتي عنها:
تعليق: شكرأ لك د/سعد على الوقت والجهد الكبير للتوثيق وكل التقدير للعظيمين سيد درويش وعثمان الموصلى وأرى أن يونس القاضى قد حسم الأمر فى مذكراته لصالح سيد درويش
إجابة : لايمكن الحسم تماماً فمن الممكن أن يكون الشيخ سيد سبق أن حفظ اللحن من الملّا عثمان فوظفه في تلحين كلمات الشيخ يونس ولذا كان البحث المقارن أساسياً
تعليق : لماذا دكتور ذاك التغير من مقام الماهور عجم دو راست صول في زر قابر الحبيب نحو مقام العجم زروني كل سنة مرة عند سيد ? هل لهذا الإنتقال علاقة وطيدة بانتقال الشعر من المستوى الديني نحو المستوى الدنيوي? أنت جد مشكور على هذه الإيضاحات
إجابة : مقام العجم كان حديث الاستخدام ، وينسب إلى الشيخ أبو خليل القباني نقله إلى مصر ولكن الشيخ سيد وظّفه وغيره من المقامات الخالية من الأرباع بسبب استخدامه لآلة البيانو الضرورية لتضخيم الصوت في مسرحياته في وقت لم يكن فيه ميكروفونات ، وعندما سُجل لاحقاً نلاحظ أن الأذن تميل لما تعودت عليه
تعليق: تقديري واحترامي لجهدكم يا دكتور سعد الله – انا من طرح هذا الموضوع في منتدى سماعي للطرب العربي عند مشاركتي في تأسيسه منذ عشر سنوات واكثر ودار جدل كبير وما زال الموضوع موجود بالمنتدى – وفي رأيي الخاص ان لكل مكان أو جغرافيا وايضا لكل مبدع الجين الموسيقي الخاص بها الخلية الموسيقية ( الجين الموسيقي ) للحن زروني ينتمي لسيد درويش بقفزته مسافة الرابعة التامة من الدو لل فا والتي استخدمها الشيخ سيد ايضا في نشيد بلادي بلادي وايضا في طقطوقة يا ورد على فل وياسمين فهي هنا بصمة واضحة يضاف إلى ذلك تحليلكم الملفت لتقطيع الكلمات على الجملة الموسيقية ومناسبة العروض الشعري وتوافقه مع العروض الموسيقي في لحن زروني سيد درويش العروضين متطابقان في لحن زورو قبر الحبيب العروض الموسيقي مختلف تماما عن الشعري وهو ما حذا بواضع الكلمات ان يمد في الحروف الساكنة زي قبر لتلائم اللحن المعد سلفا القضية محسومة بحكم الشعر والموسيقى والعروض والبصمة الجينية – بقيت ملحوظة صغيرة لو تسمح لي اعتقد ان اللحن الوارد في مقالكم لزكي مراد ولكن التسجيل سريع جدا فبدا صوتا نسائيا حدا وانتشر على انه لفتحية احمد ولا اعتقد ان فتحية قد غنته وربما اكون مخطئ في هذا ولكن بتبطيئ سرعة اللحن يتضح الصوت بجلاء ولكم القدير على جهدكم العظيم
إجابة : شكراً على المداخلة . بالنسبة للقفزة للدرجة الرابعة فإنها فعلاً موجودة عند الشيخ سيد ويمكنني أن أضيف بداية أغنية سيبوني يا ناس وغيرها .. ولكنها ليست عنصراً خاصاً بالشيخ سيد لأنها موجودة عند من سبقوه .. خذ مثلاً موشح أتاني زماني بما أرتضي لمحمد عثمان الذي يبتدئ بقفزة للدرجة الرابعة وكذلك موشح ملا الكاسات وغيرهما وبالتالي لايمكن عدها من خصائص فن الشيخ سيد . معك حق في موضوع تسجيل فتحية وأنا أيضاً شككت في الأمر وعندما قارنته مع تسجيل زكي مراد وجدته مطابقاً له ولذا تم التعديل على الموقع
تعليق: شكرا دكتور، المقال يسير في اتجاه علمي، لكن توقفت عند تجويزك أنّ الموصلي ربما أخذ اللحن وعاد به إلى العراق مجرياً عليه قصيدة قبر النبي، هذا مع إجلالي لرأيك مستبعدٌ جدا، فلا يمكن أنْ تتوقع من الموصلي بعد وصوله إلى أوج عظمته أنْ يسطو على لحن أحد طلابه من صغار العمر.
إن كان الفيصل في المسألة من أجرأ على اقتباس اللحن من حيث طبيعة الشخص فلا شك أنّ اللحن لا يمكن أنْ يكون لدرويش أولا وللموصلي ثانياً.
لا بدّ في معالجتك للموضوع أنْ تستكمل زوايا النظر، فلم تتناول أهم مسألة وهي الشخصية العامة والفنية لكلا العظيمين، ولا بدّ أن تشير إلى الخط الطبيعي الذي يجري من خلاله التأثير، وهو أنْ ينتقل إلى الطالب عن طريق الاستاذ، وإلى الأصغر عن طريق الأكبر.
كذلك أن تذكر أي حادثة مشابهة وقعت لهما من اقتباس لحن إن توفرت معلومات على الأقل فيما يخص سيد درويش.
أتمنى أنْ تعيد دراسة المسألة ناظراً من جميع الزوايا التي تساهم في الكشف عن الحقيقة أو إيضاحها.
شكرا لك دكتور
إجابة : ماقلتُه حول بناء نص قصيدة قبر النبي على لحن زوروني لا يعد اتهاماً بالسطو لأن قاعدة بناء نص صوفي على لحن دنيوي تقليد معمول به منذ الشيخ محي الدين بن عربي وتقوم عليه أغلب أناشيد الإنشاد الديني حتى اليوم ، و بالتالي لا يعد سطواً ، ويمكن لكم مراجعة ما سأنشره هذه الأيام من تفصيلات حول الموضوع. إضافة إلى ما سبق فإن الأهم هو المقارنة الموسيقية ومدى توافق اللحن مع النص في الحالتين وهو ما اعتمدته فبالنتيجة العمل موسيقي والوثيقة غنائية.