في مثل هذا اليوم أي في 17 مايو / أيار من عام 1919 ، عُرضت مسرحية قولوله لأول مرة ، من كلمات بديع خيري، وألحان وغناء سيد درويش، لصالح فرقة نجيب الريحاني.
تميزت أغاني سيد درويش بأنها تتناول مواضيع نادراً ما تطرق إليها الغناء العربي، فالأغنية هنا تتحدث الأغنية عن الغربة، التي تسببت بها الحرب العالمية الأولى، وتصف الصعوبات التي تواجه المغترب، لتصل إلى التأكيد على أهمية العودة إلى الوطن، وعدم السفر إلى بلاد غريبة.
جاءت الأغنية على مقام البيات المحير مع تلوينات في الأغصان على مقام الراست ، فيما جاءت على قالب الطقطوقة التقليدية، التي تتألف من لحن أول للمذهب، الذي يتكرر بين الأغصان، فيما يتكرر لحن ثان للأغصان. كان هذا هو الشكل الذي كانت عليه الطقطوقة، وفق أسلوب القدود الحلبية، التي نقلها شاكر أفندي الحلبي من حلب إلى القاهرة عام 1831.
قام الشيخ زكريا أحمد بتطوير هذا القالب في عام 1931، في طقطوقة اللي حبك يا هناه، أداء السيدة أم كلثوم، فأصبحت الأغصان متغيرة الألحان أيضاً، وأسميتُ القالب الناتج:القالب المدور.
إليكم كلمات الأغنية مع إعطاء لونين مختلفين للمذهب والأغصان:
المذهب: سالمة ياسلامة آه ياسالمة ياسلامة
سالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة
سالمة ياسلامة
الغصن الأول: صفر ياوابور واربط عندك نزلني في البلد دي
بلا امريكا بلا اوروبا مافيش أحسن من بلدي
دي المركب اللي بتجيب احسن من اللي بتودي ياسطى بشندي
المذهب:ياسالمة ياسلامة رحنا وجينا بالسلامة
سالمة ياسلامة
الغصن الثاني:سلطة ماسلطة اهو كله مكسب حوشنا مال وجينا
شوفنا الحرب وشوفنا الضرب وشوفنا الديناميت بعنينا
ربك واحد عمرك واحد ادحنا اهه روحنا وجينا ايه خس علينا
المذهب: ياسالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة
سالمة ياسلامة
الغصن الثالث: صلاة النبي ع السخص منا قرطه مية بلا قافية
اللي في جيبه يفنجر به والبركة في العين والعافية
حناخد ايه م العيشة غير الستر ياشيخ خليها ماشية دنيا فانية
المذهب: ياسالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة
سالمة ياسلامة
الغصن الرابع: الغربة ياما بتوري بتخللي الصنايعي بيرطن
مطرح مايروح المصري برضه طول عمره ذو تفنن
وحياة ربنا المعبود وي آرفيري جود ياسطى محمود ادها وقدود
المذهب: ياسالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة
سالمة ياسلامة
تكامل موضوع الأغنية مع أغنيات أخرى له وردت في المسرحية وهي طلعت يا محلا نورها التي تتحدث جمال الحياة في الريف المصري وأغنية مليحة جوي الجلل الجناوي التي تؤكد ضرورة الشراء من إنتاج البلد وليس مما هو مستورد فالجلل الجناوي رخيصة الثمن فيما الأواني المستوردة غالية الثمن ، فيها الكثير من الخدع التي يحملها معه التاجر الأجنبي ، كما أن شراء الأواني غالية الثمن بالتقسيط ، يضع المشتري تحت رحمة البنك!
يمكن ملاحظة بعض ملامح التعبير في الغصن الأول، حيث يتخافض اللحن عند: نزلني، وعند : بلدي .. طبعاً تكرار اللحن في الأغصان الأخرى، لا يسمح بتوافق معاني كلمات بديع خيري مع حركة اللحن المذكورة هنا، فيما برع بيرم التونسي، كما سبق أن أثبتُّ في عدة مقالات سابقة، في تحقيق ذلك التوافق أثناء كتابة النص، إذ يتصور تموج اللحن، حسب نص الغصن الأول، ويكتب نصوص الأغصان الأخرى بحيث تتوافق مع ذلك التموج، وهو ما لم يعد مطلوباً، منذ أن أدخل الشيخ زكريا تغير الألحان في الأغصان، وأصبح لكل غصن لحنه الخاص!
لنتابع الأغنية بصوت سيد درويش ونلاحظ ظهوراً واضحا لآلة الكمان في المرافقة نظراً لاعتماد اللحن على مقامين شرقيين يتضمنان أرباع الأصوات لا تستطيع آلة البيانو التي رافقت أعمال الشيخ سيد بالتواجد في التسجيل.
تجدر الإشارة إلى أن داليدا اعتمدت المذهب مذهباً لأغنيتها الشهيرة سالمة يا سلامة والتي غنتها بسبب زيارته لمصر عام 1977 وأصدرتها بالعربية ، كما أصدرتها بلغات أخرى، فأصبحت من أشهر أغنياتها.