أشجع دائماً إعادة تقديم نتاج كبار الموسيقى العربية برؤى جديدة وأصوات جديدة ، ما يقدم للأجيال الجديدة تراثنا الموسيقي في حلة جديدة.. وهذه سياسة متبعة في جميع أنحاء العالم ، فأشهر الأوبرات يعاد تقديمها كل يوم ، و كذلك مؤلفات كبار الموسيقى الكلاسيكية في الغرب ، برؤى مختلفة ، حسب قائد الأوركسترا ، أو الصوت المؤدي ، ما ولَّد نجوماً ، كقواد الأوركسترا هيربرت فون كارايان و لورين مازل وويلهلم فورتفنجلر ، و المغنين بوتشيللي و بافاروتي وكاريراس ودومينغو ،الذين تقوم نجوميتهم على إعادة تقديم تراث الغرب الموسيقي والغنائي ، وأسهم في إحياء ذلك التراث و حقق استدامته في الوجدان.
في بداية العهد بالاسطوانة ، تم تسجيل الأدوار والموشحات والأغاني التي كانت حفظت في عصر ما قبل التسجيل ، من قبل أصوات حفظت تلك الألحان ولحقت بعصر التسجيل ، فرأينا أدوار محمد عثمان وسيد درويش وغيرهما ، يسجل كل منها من قبل عدة أصوات ، و كذلك الموشحات والأغاني والقصائد.
مع الوقت غابت هذه التقاليد ، لأن الأعمال أصبحت تقدم وتسجل من قبل الأصوات التي أدتها لأول مرة ، فأصبحت محتكرة لها ، فيما من حق الملحن أن تقدم ألحانه بأصوات مختلفة ، تؤديها برؤى مختلفة ، وتعبير مختلف ، في كل زمان ومكان ، خاصة أن التسجيل المرجعي الأول موجود.
الأستاذ عبد الوهاب كان من مشجعي إعادة تقديم ألحانه بأصوات جديدة وأدوات تسجيل جديدة ، لأسبابه الخاصة ، وممن شجعهم على ذلك كان الأستاذ صفوان بهلوان ، الذي ، إلى جانب ألحانه ومؤلفاته الموسيقية ، التي قد أتوقف عندها لاحقاً ، ركز على إعادة تقديم أغاني عبد الوهاب.
في هذا الإطار ، أنشر اليوم هذا التسجيل النادر للأستاذ صفوان بهلوان في بداياته، لأغنية ليلة الوداع ، من ألحان الأستاذ محمد عبد الوهاب. جاء هذا التسجيل ضمن إحدى حلقات برنامجي التلفزيوني العرب والموسيقى عام 1987 ، كنتُ ناقشت فيها أزمة الموسيقى العربية ، وأنشرها لاحقاً.