متابعة لمسار تعريف المشرق العربي بالموسيقى في مغربه ، أنشر اليوم ، و في ذكرى رحيل الملحن التونسي محمد التريكي و ولادة المطربة التونسية نعمة ،التي رحلت عن دنيانا قبل أشهر ، أغنية :زعمه يا صافي الدهر من ألحان محمد التريكي و أداء نعمة التونسية.
وفي الواقع ، يقف الملحن محمد التريكي ، الذي ولد في 25 كانون الأول / ديسمبر 1899 ، وتوفي في 27 شباط / فبراير 1998 ، في موقع يجمع بين عناصر الموسيقى في تونس مع عناصر المدرسة التلحينية في المشرق العربي ، إذ درس الموسيقى في تونس على يد أعلامها ، وحفظ المالوف التونسي ، فيما رافق الموسيقي السوري الشيخ علي الدرويش أثناء إقامته الطويلة في تونس ، وعمله على تدوين النوبات الأندلسية ، و على دعم جهود البارون ديرلاجيه في وضع كتابه عن الموسيقى العربية ، فنهل من علمه الغزير في عناصر المدرسة المشرقية والموشحات والإيقاعات ، ورافقه في ذلك الشيخ خميس الترنان ، الذي رافق الشيخ علي الدرويش أيضاً ، وتأثر أيضاً بالمدرسة المشرقية عن طريقه ، و درس على يديه العزف على آلة الناي.
تميز التريكي في وضع معزوفات تم تضمينها في المالوف التونسي ، كما وضع معزوفات على قالب السماعي ، ومن أشهرها سماعي على طبع ( مقام ) المزموم ( الجهاركاه في المشرق ).
أغنية زعمة يصافي الدهر
الكلمات:
عبرت كلمات الأغنية عن أحداث حقيقية في حياة الملحن التريكي ، فقد أحب في شبابه فتاة ، رفض أهلها قبول تزويجها له لأنه موسيقي ، فمرض مرضاً شديداً. عاده صديقه الشاعر التونسي محمود بورقيبة ، ولما علم بالقصة ، كتب هذه الأغنية التي تواسيه ، وتحيي بعض آفاق الأمل لديه .. ثم لحنها التريكي لاحقاً ، دون أن يتحقق ذلك الأمل!
**
اللحن:
الأغنية أجواؤها هادئة و حزينة ، فيما يبدو التأثر في اللحن واضحاً بالمدرسة التلحينية المشرقية ، إذ أتى إيقاعها على إيقاع السماعي الثقيل ، الإيقاع الرئيسي في عالم الموشحات المشرقية ( البورجيلة في المصطلحات التونسية ) ، كما بني اللحن على مقام النهاوند ( محير سيكاه في المصطلحات التونسية ) ومقامات موسيقية أخرى مستعملة في المشرق العربي ، مع تلوينات من مساراتها اللحنية التونسية.
تعود الأغنية إلى العشرينات من القرن الماضي ، وقد أداها ، لشهرتها ، عدد كبير من المغنين التونسيين ، ولكنني اخترت هذه النسخة بصوت السيدة نعمة ، التي رحلت عن دنيانا منذ أربعة أشهر ، تحية لذكرى ولادتها التي مرت أيضاً قبل أيام ..
كلام ولحن متناسب وجميل وغناءواداء رائع