أنشر اليوم ، في ذكرى رحيل الملا عثمان الموصلي أحد رواد النهضة الموسيقية العربية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، كتاب : عثمان الموصلي الموسيقار الشاعر المتصوف ، تأليف الدكتور عادل البكري.
يلاحظ المتتبع لحياة الملا عثمان أن حياته اتخذت أربعة مسارات متقاطعة : أولاً دراسة علوم الدين وتجويد القرآن وتلاوته بصوته العذب الرخيم، و ثانياً : دراسة علوم الموسيقى العربية وقواعدها و أساليب تلحين الموشحات وأدائها و العزف على العود والقانون ، وثالثاً : إدماج المسارين السابقين في طقوس التصوف وفق الطريقة المولوية ، أما المسار الرابع فقد تركز في نقل معارفه عبر صوته الرخيم إلى مريديه من القرّاء والملحنين والمغنين في العراق والشام ومصر وتركيا.
ولد عثمان الموصلي في الموصل في عام 1854 . فقد بصره وعمره تسع سنين بسبب إصابته بمرض الجدري. درس علوم الدين وتجويد القرآن في الموصل و بغداد ، حيث عُرف بجمال صوته وإجادته لترتيل القرآن . سافر إلى اسطنبول حيث لقي الإعجاب والاستحسان. كان للقائه مع أبي الهدى الصيادي الحلبي المقيم في اسطنبول ، والمقرب من السلطان عبد الحميد الثاني ، والمعروف بأهميته في عالم التصوف ، إلى جانب تقديره للغناء والموسيقى ، الأثر الكبير في انتشار شهرة الملا عثمان في أوساط النخبة في استامبول ، بما في ذلك في قصر السلطان. في استامبول تحول الملا عثمان إلى نظم و تلحين الأناشيد والموشحات الصوفية.
عرف الملا عثمان بكثرة أسفاره، إذ سافر إلى الشام وأقام في حلب ودمشق لسنوات تواصل فيها مع الشيخ عمر البطش ، ومع سيد درويش إبان إقامته في الشام ، كما سافر إلى القاهرة ، حيث انتسب إلى الطريقة المولوية ، وتواصل مع كبار القرّاء و مع كبار الموسيقيين في عصره أمثال عبده الحمولي وأبو خليل القباني.
توفي الملا عثمان في 30 كانون الثاني / يناير 1923.