أصل الآن إلى المشهد الأخير ، في الحلقة من برنامجي التلفزيوني العرب والموسيقى ، التي خصصتها للعلاقة بين الموسيقى والألوان ، واستضفت فيها الدكتور فاتح المدرس ، أستاذ الدراسات اللونية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق . كان ذلك بغرض تجسيد مغامرة غير مسبوقة أمام الجمهور : تصوير موسيقي لفضاءات معبرة على آلة القانون ، تجسدها أشكال وألوان تعبر عنها ، أمام الجمهور مباشرة!
جاءت الحلقة في خمسة مشاهد : تضمن المشهد الأول تمهيداً من قبلي للعلاقة بين الموسيقى والأوان ، كما جسدها والت ديزني في فيلمه الشهير ” فانتازيا” ، ثم حوار مع فاتح المدرس حول طبيعة العلاقة بين الموسيقى والألوان ، وصولاً إلى ثلاثة مشاهد ، تضمنت تجسيدي لصور وألوان تخيلتها ، وعبرتُ عنها ، من خلال ارتجالات على آلة القانون ، لتجد تجسيدها اللوني عبر ريشة الفنان فاتح الدرس.
في المشهد الأول ، أطلقت ارتجالاً على آلة القانون ، وعلى مقام النهاوند ، لأنه قريب مما يألفه الدكتور فاتح المدرس في عزفه هو ، وارتجالاته على آلة البيانو! فاستمعَ .. ثم بدأ يجسد ما حرضته فيه تلك الموسيقى! فكانت اللوحة الأولى!
ثم كان المشهد التالي ، حيث ارتجلت فضاءات لحنية مختلفة على آلة القانون ، قصدتُ منها تصوير معاناة الإنسان اليوم في وحدته أمام تعقيدات عصره ، في ملامح تجسد الحداثة في الموسيقى العربية .. فكان يستمع ، ويتفاعل ، ثم تتحرض عنده الألوان و الأشكال .. فتنتقل عبر ريشته لترتسم على القماش ، إلى أن تشكلت اللوحة الثانية!
في هذا المشهد الأخير ، فاجأني فاتح المدرس ، إذ طلب مني ، على الهواء مباشرة ، تصوير الريف السوري ، كما أراه ، بمساحاته وألوانه ، لكي يقوم هو بتجسيد ما يستقبله مني ..لونياً.. وهكذا كان!
قبل أن أعرض المشهد الأخير ، أود أن أقول ، أن الجمهور السوري استقبل تلك الحلقة بحفاوة بالغة ، فيما أعلن أساتذة كلية الفنون أنهم ماكانوا ليقبلوا التجربة ، لو عرضت عليهم ، لأنها مغامرة حقيقية غير مضمونة النتائج.