أعتقد ، وأنا أستعرض حياة فريد الأطرش في ذكرى رحيله ، أن أصعب لحظات حياته كانت عند رحيل شقيقته أسمهان عن هذه الدنيا .. لقد اسودت الدنيا حينها في عينيه .. كان الحلم أن ينجحا معاً .. ثم كان أن وُئِد ذلك الحلم برحيلها!
ولذا ، و في ذكرى رحيله عن هذه الدنيا التي تحل اليوم ، رأيت أن أتوقف عند مشاعر الإحباط التي عاشها عند سفرها إلى سورية خلال الحرب العالمية الثانية .. ثم مشاعر الحماس التي بعثتها فيه عودتها المفاجئة .. فبعد نجاح فيلم انتصار الشباب ، قبل سفرها ، كانت سنوات سفر أسمهان إلى سورية صعبة عليه ، خاصة أن فيلمه التالي: أحلام الشباب لم ينجح ، مع أنه سعى لتقديم أعمال مماثلة لما قدمه مع أسمهان في انتصار الشباب .. ما كان نذير فشل قادم لمسيرته الفنية ..
عندما عادت أسمهان في بدايات عام 1944 ، استعاد فريد أمله بالنجاح ، ورحب بعودة أسمهان بقصيدة ختم الصبر بعدنا بالتلاقي ، كلمات حسين شفيق المصري ، معلناً من خلال أسلوبه في تلحينها عودته للتنافس مع عبد الوهاب … و متابعاً لاحقاً مسيرته الناجحة كملحن ، عندما كُلِّف بتلحين أغنياتٍ في فيلم غرام وانتقام ، إلى جانب الكبيرين محمد القصبجي و رياض السنباطي ! لقد عاد النجاح إلى مساره الفني ، إلى جانب شقيقته أسمهان!
للأسف ، لم يكن فريد يعلم أن شقيقته أسمهان التي بعثت فيه ذلك الأمل ، و أوقدت فيه روح التنافس ، سترحل عن هذه الدنيا بعد أشهر قليلة ، لتتركه مع إحساسه الدائم بالوحدة ، رغم النجاحات الكبيرة التي حققها وحيداً ، حتى رحيله هو ، رحمه الله ، في يوم بارد من أيام بيروت ، في يوم 26 ديسمبر /كانون الأول من عام 1974!
أنشر اليوم ، و بمناسبة ذكرى رحيل فريد الأطرش عن هذه الدنيا ، مقتطفاً من الحلقة الحادية عشرة من برنامجي التلفزيوني ” حياة وفن فريد الأطرش ” ، يحمل إليكم تحليلي لمناسبة هذه القصيدة ، التي أتت على مقام الماهور ، وهو من فروع مقام الراست ، و لمشهد الدخول فيها فقط ، الذي حمَّله فريد ، وقد استعاد حيويته ، رسائلَ للنقاد .. ولعبد الوهاب! استغرق شرحي لأسلوب فريد الاستثنائي في الدخول في القصيدة .. 14 دقيقة!