مطرب سوري أصبح أبرز ناشرٍ معاصر للتراث الغنائي العربي.
وُلد صباح الدين أبو قوس (صباح فخري ) عام 1933 في حلب ، أحد أهم مراكز الموسيقى العربية الأصيلة في الشرق العربي. عُرف منذ سنوات عمره الأولى بصوته الجميل ، كما تعرف في طفولته على أجواء الإنشاد الديني ، فقد كان والده منشداً للتواشيح الصوفية ، ما سمح له بحضور حلقات الذكر التي كان يقيمها المنشدون ، وبحفظ ما كان يقدم فيها من ألحان وأناشيد.
درس الموسيقى في معهد حلب للموسيقى ، الذي افتتحه الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة ، على يد كبار الأساتذة في حلب ، مثل الشيخ علي الدرويش ، و الشيخ عمر البطش ، و والأساتذة مجدي العقيلي و عزيز غنام و محمد رجب ، كما سجل بعض الأغنيات لصالح إذاعة حلب.
في عام 1947 أعجب بصوته أمير الكمان سامي الشوا حلبي الأصل ، الذي كان في زيارة لحلب ، فأشركه في بعض حفلاته ، واقترح عليه أن يسافر معه إلى القاهرة ليطرق أبواب الشهرة هناك . في الوقت ذاته أعجب الزعيم الوطني المحب للموسيقى فخري البارودي بصوته ، ورأى ضرورة أن ينتقل إلى دمشق، ليتعلم الموسيقى في معهدها الموسيقي الذي أنشئ حديثاً ، وليكون قريباً من الإذاعة السورية ، التي توسعت أعمالها ، بعد جلاء الفرنسيين عن سورية في عام 1946.
فضَّل صباح وأهله انتقاله إلى دمشق ، برعاية فخري البارودي ، ليدرس في معهدها الموسيقي ، حيث أهداه البارودي اسمه ليصبح: صباح فخري . التقى في دمشق مع معلمه عمر البطش ، القادم من حلب ، بدعوة من فخري البارودي ، للتدريس في المعهد ، فتابع دراسة الموشحات ورقص السماح على يديه ، كما قام بتسجيل بعض الأغنيات لصالح إذاعة دمشق ، ولكن التغيرات التي لحقت بصوته ، في مراهقته ، جعلته يعود إلى حلب ليستكمل تعليمه ، ومن ثم ليعمل في سلك التعليم ، قبل أدائه الخدمة العسكرية. في نهاية الخمسينات عاد إلى نشاطه الفني وبدأ بإقامة الحفلات في حلب حيث ذاع صيته.
توثيق التراث
كان لافتتاح التلفزيون في دمشق في 23 تموز / يوليو 1960 أثره البالغ في مسيرته الفنية ، حيث شارك مع زملائه المغنين القادمين من حلب في البرنامج التلفزيوني ” مع الموسيقى العربية ” من إخراج جميل ولاية ، الذي سعى من خلال البرنامج لتوثيق التراث الموسيقي المختزن في حلب ، من موشحات وقدود حلبية ، ومن أدوار وقصائد ومواويل.
اهتم في السبعينات بتقديم أعمال تلفزيونية موسيقية ، كما في مسلسل ( الوادي الكبير ) مع الفنانة وردة الجزائرية ، الذي قدم فيه قصائد وموشحات جديدة ، لحنت على نسق الأصول التلحينية للموشحات الأندلسية ، من قبل كل من الأساتذة محمد محسن وعزيز غنام وعدنان أبو الشامات و أمين الخياط وإبراهيم جودت ، واستعاد اهتمامه بالتراث من خلال مسلسل ( نغم الأمس ) ، الذي سجل فيه ما يقرب من 160 لحناً ، ما بين أغنية وقصيدة ودور وموشح وموال وأغنية شعبية وقد حلبي ، في جهد واضح لتوثيق التراث العربي الأصيل تلفزيونياً ،كما قام بمحاولة تجديد التراث ، من خلال إدراج مقاطع لحنية جديدة ، ضمن ألحان قديمة محدودة المساحة ، لإعطائها أبعاداً جديدة.
نشر التراث
اتجه منذ الخمسينات ، وعلى خط موازٍ لاتجاهاته في التوثيق، إلى نشر التراث الغنائي العربي عبر الحفلات ، منطلقاً من سورية ، ولبنان ، فالدول العربية الأخرى ، إلى أن أقام حفلته الشهيرة في قصر المؤتمرات في باريس في عام 1978 ونجحت الحفلة نجاحاً كبيراً ، ثم تتابعت حفلاته الأوربية ، والأمريكية ، التي قدمها في أشهر قاعات الغناء في العالم ، ومنها قاعة نوبل للسلام في السويد ، وقاعة بيتهوفن في ألمانيا ، كما اهتم أيضاً بالغناء في المغتربات وخاصة في أمريكا اللاتينية .
تجسد جديده في الحفلات ، من خلال تقديمه لقصائد شعرية ملحنة ومغناة من قبله ، بشكل مرسل ، يقارب الأسلوب المعمول به عند ارتجال غناء القصائد ، و سرعان ما أصبحت تلك القصائد تطلب بلحنها المثبت ، و طبع بأسلوبه غالبية مطربي التراث ، واستطاع الاستمرار لأكثر من خمسة و ستين عاماً ، دون أن يفقد ألقه.
كرمته جامعة كاليفورنيا عام 1992 ، في حفل أقامته في قاعة “رويس ” في لوس أنجلس ، واعتبرت أسلوبه في الأداء ، مرجعاً معيارياً للأسلوب التقليدي ، كما سُجل اسمه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ، لغنائه عشر ساعات متواصلة ، دون استراحة ، في مدينة كاراكاس – فنزويلا عام 1968 مع استمرار تجاوب الجمهور مع إدائه طيلة تلك المدة.
أقيمت له في مصر ، عام 1997 ، جمعية فنية تضم محبيه ومريديه ، وغدا نقيباً للفنانين السوريين لأكثر من دورة ، كما انتخب عضواً في مجلس الشعب السوري عام 1998 .
يتميز صباح فخري بصوت شجي ، و بقدرة صوتية استثنائية تمتد على مساحة 15 صوتاً ، ذات جودة متماثلة ، وبلفظ سليم ، وبفهم لمعاني الكلمات ، كما يتميز بتحكم كامل بتقنيات التنفس ، و بمعرفة بالمقامات الموسيقية ، و التنقل بينها في سلاسة ويسر ، و بالإيقاعات المركبة ، و بحفظ كم كبير من الموشحات والأدوار و القدود والأغاني الشعبية ، والتواشيح الدينية.
حلقات تلفزيونية تناولت حياة وفن صباح فخري
- 06- مع الدكتور سعد الله آغا القلعة نحو نهضة موسيقية عربية جديدة – الحلقة السادسة : التضاريس اللحنية والتعبير عن المعاني في أمهات الأغاني!
- الدكتورة رتيبة الحفني في لقاء تلفزيوني معي عام 1992 – المشهد الثالث والأخير : واقع الجمهور اليوم ودوره في توجيه مسارات الإبداع!
- برنامج العرب والموسيقى: حلقة كاملة عن الشيخ عمر البطش بمشاركة الأستاذ صباح فخري وعدد من طلابه عام 1989
- في رحيل صباح فخري : شخصيته الفنية وأهم عناصر تميزها في سبعين عاماً من الغناء!
- موشح قلتُ لما غاب عني : كثافة التعبير عن التضاد بين آلام انحسار البصر وآمال استمرار التطوير في ختامات الحياة!
أغاني صباح فخري
مقالات تناولت أغنيات غناها صباح فخري
- تسجيل نادر لموشح غاب حِبي عن عيوني من ألحان وأداء صباح فخري : أطيافُ التعبير الخفية في الموسيقى التقليدية
- حامل الهوى تعبُ بصوت صباح فخري ولحن عزيز غنّام : رؤية لحنية خامسة لقصيدة أبي نواس حمّالة الأوجه ، اعتمدت التعب مفتاحاً للَّحن ، واستكملت القوالب المتاحة لتلحين القصيدة ، وفتحت مجالاً للتصويت على النسخ الخمس!
- رقص السماح والتعبير عن الإيقاع وتموجات اللحن بحركة الجسد: موشح بدت من الخدر بصوت الأستاذ صباح فخري نموذجاً!
- زوروني كل سنة مرة بين سيد درويش وعثمان الموصلي .. ؟؟
- صباح فخري في ذمة الله
- في ذكرى رحيل كبير وشّاحي عمر البطش : ولماذا لا نحتفي مع صباح فخري وزملائه من طلاب عمر البطش بإحيائه رقص السماح ، حيث يتكامل التعبير عن فن الأرابيسك في تزامن الحركة مع السمع والبصر ، و بنقله من عالم التصوف إلى عالم الموسيقى؟
- في موشح داعي الهوى قد صاح خرج الشيخ عمر البطش بالموشحات المغناة من قيد الكلمات نحو فضاء الألحان الساحرة!
- قصيدة أنا في سكرين من خمر وعين التي اشتهرت بصوت الأستاذ صباح فخري .. من لحنها ؟
- قصيدة الأستاذ صباح فخري الشهيرة جاءت معذبتي : روايةٌ أخرى مقارنة بصوت المطرب الكبير الراحل محمد خيري
- قصيدة العبرة لصباح فخري : التعبير في اللحن والأداء عن ومضة وجدانية توقف عندها الزمن!
- لماذا كانت المساحة الصوتية في الغناء الشعبي محدودة ؟ وكيف تم تطويرها بتأثير من الغناء التقليدي؟ يا مال الشام نموذجاً!
- مالك القلب فداه ما ملك بصوت صباح فخري : ضفيرة من عشرة عناصر لإبراز وهج الصوت و تثبيت اللحن في الذاكرة!
- موشح العذارى المائسات : الشيخ عمر البطش يضيف على موشحات سيد درويش لكي تنسجم مع القالب اللحني للموشحات في حلب!
- موشح العناية صدف : عندما تطرح الموشحات الأسئلة الكبرى في الحياة!
- موشح باسمٌ عن لآل لصباح فخري : أكمل وصلة موشحات انتظرَتْه عشرين عاماً وعبَّر عن نيل الأرب بذروة لحنية حملتها لفظةٌ من خارج النص!
- موشح جادك الغيث إذا الغيث همى بصوت صباح فخري وألحان مجدي العقيلي:أبياتٌ لاءمت قالب موشحات حلب التلحيني من نص كتب لدفع تهمة أدت إلى مقتل الشاعر!
- موشح قلتُ لما غاب عني : كثافة التعبير عن التضاد بين آلام انحسار البصر وآمال استمرار التطوير في ختامات الحياة!
- موشح نبه الندمان صاحِ بصوت الأستاذ صباح فخري : عندما يلعب الإيقاع و الآهات دور التعبير عن معاني النص البهيجة!
- يا طيرة طيري يا حمامة من ألحان الشيخ أحمد أبو خليل القباني ومناسبتها!