في ذكرى رحيل محمد عبد الوهاب الثانية، عرض التلفزيون المصري الحلقة الأولى من برنامجي التلفزيوني عبد الوهاب مرآة عصره، بعد أن قالت عنه الرقابة بأنه عمل فني رائع ولامانع من الإذاعة. أثار العرض موجة من الترحيب لدى الصحافة المصرية حينها ، ومنها ما كتبه الأستاذ عصام بصيلة نائب رئيس تحرير صحيفة الأخبار المصرية. أريد أن أنوه بأنه من النادر أن يصرح صحفي بإعجابه بعمل يقدمه شخص مجهول لديه، يتابعه لأول مرة. هذا ما فعله الأستاذ بصيلة إذ قال بأن هذا البرنامج كشف تواضع المستوى البرامجي للتلفزيون، معتبراً أن البرنامج تونسي! وبدلاً من أن يكون هذا المقال وغيره نعمة ، إلا أنه تحول إلى نقمة! ولهذا حديث آخر!
جريدة الأخبار المصرية ص8 تاريخ 13 / 5 / 1993
بقلم: عصام بصيلة
في استحياء شديد.. عرضت القناة الأول الأسبوع الماضي ظهراً، حلقة من برنامج بعنوان ” عبد الوهاب مرآة عصره”، وبالصدفة شاهدته.. وكنت أنوي الانصراف عنه من بدايته، فالبرامج الخاصة للرواد معروفه سلفاً، ماذا ستقول، ولكن هذا البرنامج فرض علي مشاهدته..فهو غريب عنا. رغم أنه يتحدث عن عبد الوهاب.وسر الغرابة. أنه ليس برنامجاً تقليدياً يستضيف بعض الشخصيات التي لها علاقة بعبد الوهاب، أو التي تدعي صداقتها به أو تعاملها معه! إنه شيء آخر تماماً.. لا يعتمد على ضيوف ! ولا يناقش حياته الشخصية.. ولا يتضمن معلومات عن كيف كان يعيش، ويمشي، ومن هم الذين غنوا له، وما حكاية حفلة سلاح الفرسان التي أقيمت عام 54، وغنى فيها عبد الوهاب لآخر مرة في حياته على المسرح !؟
إنه عبارة عن ديكور بسيط يحتوي على أثاث بسيط يوحي بأنه شرقي.. عربي.. وكمبيوتر وصور متناثرة على الجدران للموسيقار الراحل.. يظهر مقدم البرنامج، ويبدو أنه باحث موسيقي.. دارس للفنون الشرقية دراسة تاريخية أكاديمية.. اسمه (د. سعد الله آغا القلعة). ومن لهجته نفهم أنه تونسي الجنسية ماذا فعل د. القلعة؟ راح يستخرج تاريخ عبد الوهاب الغنائي، بواسطة الكمبيوتر. إنها أول أغنية أداها بصوته وليست من ألحانه،”المحيا “.. ثم أدار أسطوانة، ينبعث منها صوت طفل، ولكن هذه الأغنية سجلها عام 1924، وكلن عمره حينذاك 21 سنة! ويندهش المشاهد إذن كلن شاباً فلماذا هذا الصوت الطفولي وفي الحال يجيب الباحث: كان الصوت زمان يسجل في القاهرة على شريط بدائي، ثم يطير إلى ألمانيا ليطبع على أسطوانات.. وهناك يجدون أن مساحة الغناء أطول من توقيت الأسطوانات.. فيضطرون.. للإسراع في الأداء، فيبدو المغني وكأنه طفل! ثم يذكر الأغاني التي أداها لسلامة حجازي ومحمد عثمان وعبده الحامولي،إلى أن غنى من ألحانه، وهكذا إلى. نهاية الحلقة الأولى، ومن المؤكد أن الحلقات القادمة بها الكثير أرجو ألا يبخل بها علينا التليفزيون.. ورغم سعادتي بهذا البرنامج إلا أني حزين. لأن التليفزيون لم يفكر في تقديم برامج مماثلة مستعيناً بالمتخصصين الدارسين. ولكنه- للأسف- فضل الأسهل، وانكشف تواضع مستواه البرامجي والسبب هذا البرنامج /التونسي / الغريب (عبد الوهاب مرآة عصره ) ..
ملاحظة : افترض الكاتب أن البرنامج تونسي لأنه لم يكن يعرف من قدمه!