أتوقف اليوم ، في مشهد مقتطف من برنامجي التلفزيني ” نهج الأغاني ” عند أغنية يا معلق بقلب الحب ، التي شاعت بصوت الفنان خالد الشيخ ، وذلك بسبب احتواء النص على فعل الحركة ” طار ، بغرض التدقيق في مدى تعبير اللحن عن فعل الطيران! ثم كان تدقيق في أصل النص واللحن ، ليتبين أن النص صنعاني ( نسبة إلى العاصمة اليمنية صنعاء ) ، و أن اسم الشاعر مختلف عليه في المراجع ، وإن كان علي بن أحمد إسحق ، على الأرجح ، وأن الوثائق تقول بأن الفنان خالد الشيخ قدم هذه الأغنية القديمة بتطوير!.
طبعاً يبين هذا المشهد ، أسلوب توظيف نظام معلومات الموسيقى العربية ، في استرجاع النصوص المخزنة ، والمقارنة بينها ، وكذلك أسلوب توظيف قدرات الحاسب ، في رسم الجمل اللحنية.
النص:
يا معلق بحبل الحب إن كنت ترتاح * للغواني مثالي
لا تبالي بروحك في هوى الغيد إن راح * أو تقل ذاك غالي
إن قلب المعنى طار من غير أجناح * في هوى ظبي حالي
قامته إن تثنى كالعــــوالي والأرمـــــاح *أو طلوع الهلالي
والجبين إن بدا لي قلت ذا نور الإصباح * في سواد الليالي
في خدوده وصدره ورد قاني وتفاح * سلسبيله دوا لي
وابتسامه تظنه كالـــبوارق إذا لاح * والثنايا لآلي
وشذاه إن تِنَقَّشْ عطر أو مسك نـفَّاح * والقمر إن بدا لي
ما سماع المزاهر لا ولا خمر الأقداح * مثل نطقه حلا لي
والتَصَّبرْ على هجر المليحات يا صاح * مُرِّ لكن حالي
والتذلّل لباب الغيد للوصل مفتاح * ليس من عزّ سالي
ليس لي ذنب إلا الدمع في الخد سفّاح * أنت أشفق بحالي
لا ينال الأماني غير من كان سمَّاح * بالجفا لا يبالي
وأنت طوَّلت حبل الهجر يا روح الأرواح * ما فؤادك رثى لي
والصلاة تبلغ المختار ذي الفضل ما لاح * طير في غصن عالي
كلمة حول اللحن: كلمة في النص حددت مجراه
إنني أرى أن الملحن الجاد ، عندما يستلم النص الذي سيضع له لحناً ، وخاصة إن كان حمّالاً لأوجه متعددة ، فإنه يحاول أن يبحث في ثناياه عن جملة ، أو كلمة ، تشكل ما يدعى الكلمة او الجملة المفتاح ، و تدله على الجو العام للحن.
وفي هذا الإطار ، فإني أعتقد أن كلمة الغواني ، التي أتت في بداية نص أغنية يا معلق : يا معلق بحبل الحب إن كنت ترتاح * للغواني مثالي ، حددت مسار اللحن ، في حيويته ، كما حيوية الغواني ، كما سنتابع في التسجيل أدناه ، بينما جاء لحن خالد الشيخ مثلاً ، لقصيدة : عيناكِ ، لنزار قباني ، هادئاً ، بناء على النص المتكرر ، المحدد للجو العام : فأنا لاأملك في الدنيا ، إلا عينيكِ وأحزاني.
تجدر الإشارة أن ملحناً آخر ، كان يمكن أن يختار كلمة أخرى ، ليبني عليها الجو العام للحن ، في حال تعدد أوجه النص.. ولهذا أحاديث أخرى!
أثناء تسجيل البرنامج لم أستطع التأكد من المقصود بالتطوير ، فهل هو لحن جديد بالكامل ، أم أنه اللحن القديم مع بعض التعديل . لاحقاً وبمتابعة البحث ، استطعت الحصول على الأغنية الصنعانية الأصلية ، وتأكدت أن لحنها مختلف عن اللحن الذي غنّاه الفنان خالد الشيخ ، والذي ثبُت لدي بالتالي بأنه لحن جديد تماماً .
لنتابع فيما يلي الأغنية اليمنية ، بلحنها الأصلي ، بصوت الفنان محمد حسين أبو نصار: