كانت قصيدة وشاية ، أول قصيدة لشاعر سورية الكبير نزار قباني ، تغنيها السيدة فيروز ، إذ اختارها الرحابنة في عام 1956 ، من بين قصائد ديوانه ( أنت لي) ، الصادر عام 1950 .
جاء ذلك بعد مرور ثلاث سنوات على تلحين وأداء الملحن المصري أحمد عبد القادر أول قصيدة لنزار في عام 1953 ، وهي قصيدة ” كيف كان ؟ ” ، وسنة واحدة على تلحين خالد أبو النصر ، و أداء زكية حمدان ، لقصيدة ” لماذا تخليت عني ” في عام 1955 ، لتأتي قصيدة ” بيت الحبيبة ” من ألحان نجيب السراج عام 1958 ، وصولاً إلى قصيدة ” أيظن ” في عام 1960 ، من ألحان محمد عبد الوهاب ، وأداء نجاة الصغيرة ، وهي القصيدة التي سلطت الأضواء بكثافة على شعر نزار.
جاءت قصيدة ” وشاية ” بأبياتها كما وردت في الديوان ، مع استبدال كلمة واحدة في البيت الأول ، لتصبح العصافير ذات لون أبيض ، بدلاً من لونها الأزرق ، كما ورد في القصيدة ، ليتلاءم أكثر مع جو القصيدة الرومنسي ، ومناقير العصافير الحمر… غابت الفرقة الموسقية في الأغنية ، مع الاكتفاء بالبيانو ومجموعة الماندولين.
لاكتشاف أسباب توظيف الماندولين ، وهي آلة موسيقية نادرة الاستعمال ، ولو دققنا النص أدناه ، مع الاستماع للأغنية ، لوجدنا أن صوت آلة الماندولين بارز من البداية و حتى نهاية البيت الثالث : وتغرق مضجعنا زقزقاتٍ وتغمر بالقش أبوابنا ، وهي المساحة من القصيدة المخصصة للحديث عن العصافير وزقزقتها ، ثم يختفي تماماً فلا يظهر حتى نهاية الأغنية ، مع تحول النص للحديث عن النحل والورد والفراش . وفيما يذكر النص زقزقة العصافير ، فإنه عندما يتحدث عن النحل والفراش ، يذكرها دون الحديث عن صوتها .. مايقود إلى أن آلة الماندولين عبَّرت بصوتها عن العصافير و زقزقتها، فيما أمَّنت آلة البيانو التعبير عن الأجواء الرومنسية العامة للأغنية ، في غياب الفرقة الموسيقية ، ولم يكن هناك تعبير خاص ، من خلال آلة موسيقية ، عن النحل أو الورد أو الفراش..
جاءت الأغنية على مقام العجم ..
أأنت الذي يا حبيبي .. نقلت لبيض العصافير أخبارنا ؟
فجاءت .. جموعاً جموعاً .. تدقُ مناقيرها الحمر شبّاكنا
وتغرق مضجعنا زقزقاتٍ وتغمر بالقش أبوابنا
ومن أخبر النحل عن دارنا فجاء يقاسمنا دارنا
وهل قلت للورد حتى تدلى يزركش بالنور جدراننا ؟
ومن قصّ قصتنا للفراش فراح يلاحق آثارنا
سيفضحنا يا حبيبي العبير فقد عرف الطيب ميعادنا ..